Tuesday, December 20, 2011

عيد ميلاد سعيد؟


تعثرت بواقع اشبه بالخيال. اطلقني من فوهة رسوم متحركة، وبعثرني كذرات فقدت تجاذبها فضاعت في الخلاء. أوثقت عقدا مع الشيطان حين ارتضيت احلامي مقابلا لاستئثاري؟ واي احلام. و اي ايثار. لم اعد ادر ما املك وما اتخيله ملكا لي. أأنت فعلا هاهنا؟ أأنت فعلا لي؟ روحا وجسدا وعقلا؟ ام اني ارتضيت الجسد وتوقفت لأوشوش في سر الشيطان؟

حسنا، انتهى الامر. لن الف وادور بعد الان. لن استعين بصور بلاغية قد تعني مئة شيء وشيء. سأكتب بكل صراحة، وسأحكي قصة يومي وقصة زوجي. كان امس يوم ميلاد زوجي، وكنت قد جهزت له سابقا ساعة يد سوداء تتوسطها جمجمة فضية تعكس الألوان المحيطة. وفي الصباح الباكر، وبعد افطار من فطيرة دونات محلاة بشمعة، قدمت له الساعة قبيل ان يذهب الى العمل، حتى تكون له شعاع من الفرح في وسط اليوم الطويل، وحتى يتذكر يوم ميلاده ويتذكرني كلما رنى بصره اليها. ونجحت الخطة، كان يومه العملي من تلك الايام السخيفة التي لاينتهي فيها العمل، ولاسبيل لارضاء مدير حتى لو قُدم له القمر، ولابصيصٌ من العقل ليخفف حدة غباء العاملين. ولكن الساعة الهمته الصبر، ورسمت على محياه بسمة كلما نظر اليها، وأنسته ولو لثوان ثقل ساعات العمل. وعندما فتح حقيبة الغداء كان بها كعكة صغيرة تتوسطها شمعة، وكرت معايدة صغير، يسر اليه كم احبه وكم اتشوق لاستقبال المزيد من السنين في احضان حبنا. كما اني حرصت ان اكون معه من مكاني في البيت طوال اليوم، حيث بحثت عن اطرف النكات عن أعياد الميلاد وبعثتها له بين وقت وآخر حتى اضحكه وارفه عنه.

وفي المساء عندما عاد اخيرا الى المنزل، تعبا وهلكا ولكن سعيدا، كنت مستعدة لاستقبالة في صالتنا الصغيرة وقد نورتها الشموع. بجانب مائدة تزدانها جورية حمراء، وتحمل طبقه المفضل من الطعام، احضرته خصيصا من مطعمة المفضل. وكان شعري معطرا ومصففا، تلامعت خصلاته البنية وهي تلعب حول وجهي. وعلى جيدي تهدل ثوب اسود وزهري، من المفضلين على ذوقه، والمثيرين لغريزته. أما في الخلفية فتهامست انغام من الأوتار الموسيقية اللعوب، تتمايل على اسماعنا برقة عذبة، و تتضاحك كصبية خجول في حضرة عاشق.

جلست وحبيبي في هذا الجو الي وليمتنا الرومانسية الصغيرة، نتناظر ونتسامر من فوق أطباقنا. اختياري لخيوط الباستا المطبوخة بلحم البولونيز كان موفقا، حيث التهم طبقه وجزء من طبقي بشهية واستحسان، وعكست الشموع لآلئ الرضا في أعماق عينيه الذهبيتين. رنى الي بحب وحنان، وشكرني على أحلى عيد ميلاد. اخبرني كم يحبني وكم اعني له، قبل ان يأخذني في احضانه لفترة سرية، توقفت فيها الساعة السوداء خجلة، لتمهلنا مهلة مقدسة، يتناسانا فيها الوقت ويغض البصر عنها الزمن. ولو انتهى اليوم هنا، لكانت خاتمتها مسك وكفى.

ولكن شاء الحظ للأسف، ان يجدني بعد قليل أكتشف شيئا اثار حفيظتي واغضبني، ولم استطع ان ادفن مشاعري وهي في اوج الغليان. واجهته، وافضيت له بما جال في صدري، فانزعج مني، جرحت مشاعره دون قصد ونفر. اصطدمنا هنا بأحد الأمور التي لا تتفق بيئاتنا وبرمجة تقاليدنا عليها، انه صراع حضاري أكبر منا. حيث أنا أري خطأ كبيرا جائرا، هو يري أمر طبيعي، موجود في سرية كل انسان. ليست هذه المرة الأولى، مررنا بهكذا أمور من قبل. في أكثر المرات أراجع نفسي ويغلبني حبي له وثقتي، التي أعتبرها مبدأ أعتز به ومنهاج أسير عليه. تغاضيت كثيرا عن أمور لا تتفق تربيتنا عليها، واقنعت نفسي بأن اوسع مداركي وأن أعامل كما احب ان اعامَل، فهاهو يبدي تفهما كبيرا لاختلافاتنا. وانا ارتضيت ان اتخذ من اجنبي زوجا لكثرة أوجه التشابه بيننا، ولابد لي أن أكون مستعدة لأوجه الاختلاف. في كثير من الأوقات أجده فعلا على حق، ولا أسمح لعقليتي العربية ان تقف بيننا. أحيانا نحن العرب نعاني من ضيق نطاق البصر. لكن اغلب الأوقات لم تكن كهذه اللحظة. هذه المرة كنت واثقة دون أدنى شك من صواب رأيي وأبيت ألا أتفق لمجرد الاتفاق. صدم هو بما يراه لايستحق الصدام. واختلف الحبيبان، واشتق التوتر لنفسه خرقا متعجرفا في ثوب الوئام الرقيق.

ان سمح لي التعبير، بعيدا عن ان تكون خاتمتها مسك، كانت خاتمتها زفت. اتهمني بظلمه وبافساد يوم ميلاده، وساءلني اما استطعت الانتظار حتى اليوم التالي؟ في الحقيقة، لا. اجتاحتني المشاعر بقوة بحيث لم استطع كتمانها. لست بممثلة بارعة. بل حتى اني لا استطيع التمثيل على الاطلاق! وانتهى به الامر ليذهب الى النوم، بعدما مد لي يد صلح وليد ركيك، وقبلتها لأحافظ على السلام وعلى البقية الباقية من يوم ميلاده. وحينما استسلم هو لملك النوم، قمت من مكاني والدموع تعمي بصيرتي، الى أين لم أكن أدري.

كانت الخواطر والأفكار تعصف برأسي الى ان اخذ في الدوران والتساؤل. أأنا على خطأ عندما اصر على حقي في الاعتراض؟ أأنا على خطأ عندما أرفض الخضوع لما أراه بعيد عن الصواب؟ اغضبني انفعاله. اغضبني انه لم يستطع ان يرى جانبي من المعادلة. اغضبني وجرحني اتهامة لي بافساد يومه بعد كل ما قمت به لأجله. وأكثر من ذلك كله، اغضبني منه ومن نفسي احساس دفين بأنه على حق، وبأني فعلا افسدت ذلك اليوم. نسى غضبي السخيف خلافنا، نسى ايماني بأنني على صواب، وركز على أني افسدت يومه وفشلت في اسعاده.

فهل ياترى وثقت عقدا مع الشيطان، حين ارتضيت تحقيق احلامي بالحب مقابل استئثاري بحبيب كامل؟ ايملك احد حبيبا كاملا اصلا؟ هل هو فعلا لي قلبا وقالبا وان اختلفنا؟ أم أني وشوشت في أذن الشيطان أن يأتيني بجزء من حبيب مقابل جزء من قناعاتي؟ يالهذا الواقع الغريب الذي دمج بين أحلامي وبين كوابيسي!

0 Comments:

Post a Comment

<< Home